أسلحة الدمار الشامل لإسرائيل .. أمر كان اللوبي الصهيوني يستعمله لخداع الولايات المتحدة لسنين .. لكنه لم يعد حلما، إنه أمر لا مفر منه .. السؤال الوحيد هو، متى؟
حرب عالمية تتداخل مع بعض المفاجآت على الساحة..
كل شيء بدأ منذ فترة طويلة، لكن بإمكاننا التركيز على عام واحد مضى، حينما قتلت إسرائيل 9 مواطنين أتراك بطريقة أشبه بأسلوب قراصنة، و أولئك كانوا ناشطي سلام على سفينة مساعدات متجهة لغزة.
سفن المساعدات المتجهة لقطاع غزة أصبحت اليوم تحصل على مرافقة عسكرية من قوات البحرية التركية و يتجه الرئيس التركي بدوره إلى غزة و مصر .. كل هذا بمثابة الصفعة لإسرائيل.
قبل عام واحد، كانت إسرائيل و تركيا بحكم الأصدقاء المقربين، و تشاركت وكالات التجسس الخاصة بهما أسرارا نووية، تلك الأسرار بيعت للصين و كوريا الشمالية، و باكستان و البرازيل، كما عملا معا في ابتزاز نصف جيش من الفاسدين و الخونة من ضباط و مسؤولين في واشنطن .. و الوطنية في واشنطن أمر نادر الوجود في الوقت الحاضر .. إنه يعتبر غباءا!
أصبحت واشنطن تدور حول "العولمة" و مفهوم "لا حدود"، لقد أصبحت تدور حول الشركات و ليس "أمريكا"، و بالنسبة للغالبية فإن أمريكا هي "مزحة"، و مجرد أمة مفلسة غارقة في الديون مع جيش ينظر له على أنه عديم الفائدة اليوم، جيش ينتشر حول العالم و يدير المهمات لعصابة من المصرفيين الدوليين.
حتى أسبوع مضى كان الجيش التركي موقنا من سيطرته على البلاد – على الرغم من الحكومة المنتخبة – و قد آمنت إسرائيل بالفكرة ذاتها .. لقد أخطأوا.
حتى عام مضى، كانت إسرائيل تظن أن تركيا ستبقى دائما تحت السيطرة بسبب رغبتها الشديدة في الإنضمام للاتحاد الأوروبي، الآن هذا الحلم أمر ميؤوس منه .. من يريد الانضمام بأي حال ؟! الاتحاد الأوروبي مفلس و هو مستمر بالتهاوي، و تركيا بالمقابل هي قوة اقتصادية، تتجاوز الجميع في ذلك الاتحاد، إلا ألمانيا في مجال التكنولوجيا و الإنتاجية و العلم.
لتركيا أيضا جيش هائل يقوم على تقاليد عسكرية صارمة، و لنكن أكثر وضوحا فإن هذا الأخير صارم لدرجة القسوة.
لقد انتبهت إسرائيل لذلك في وقت متأخر، و استدعت الذاكرة كيف قضت تركيا على الأرمن مثلما تقضي إسرائيل على الفلسطينيين، المشكلة هنا أن جيش تركيا كبير و شديد التنظيم و على درجة عالية من الانضباط، و قادر بلا جدال على دعم عمليات عسكرية في منطقة الشرق الأوسط بأكملها، و تركيا - متحالفة مع العراق و إيران و مصر - تعتبر قتل مواطنيها العام الماضي بأنه تصرف حرب.
هذا لا يترك سوى أمريكا أو السلاح النووي لإسرائيل لحماية هذه الأخيرة.
إذا أزمة ؟!
هنالك عملاء في واشنطن – دفع لهم – تحدثوا عن الأهمية الاستراتيجية لإسرائيل بالنسبة للولايات المتحدة .. هذا وهم، شأنه شأن وهم قوة الجيش الإسرائيلي، هنالك حليفيين استراتيجيين في الشرق الأوسط، مصر بسيطرتها على قناة السويس، و تركيا بسيطرتها على مضيق البسفور، البوابة الوحيدة للبحر الميت، الأمر ذو الأهمية للولايات المتحدة، تركيا أيضا هي البوابة للنفط من آسيا الوسطى و شمال العراق.
عامل آخر هو كردستان .. إسرائيل سيطرت على حزب العمال الكردستاني، تلك المجموعة الإرهابية الشيوعية التي أسفرت عن مقتل الآلاف في تركيا، و إسرائيل تهدد بإطلاق العنان لهم مرة أخرى.
مع ذلك و في لقاءات مع قادة في العراق، قيل لي أن العمليات العسكرية التركية ضد حزب العمال الكردستاني حتى داخل العراق كانت موضع ترحيب، فالأكراد في العراق يكنون كراهية لذلك الحزب و لطالما اعتبروه مدمرا، كما أن شمال العراق يحظى بتحالف وثيق مع تركيا واقتصاده يعتمد كليا على تلك الأخيرة بشكل أكبر بكثير من بغداد.
الآمال و الحلم بأمة كردية يعتمد على علاقات طيبة مع تركيا، و هذه الصلات تحسنت بشكل مستمر لبعض الوقت.
واقع واحد .. هو ضعف مصر، فحكومة مبارك – بما في ذلك الجيش و الاستخبارات – عملت فيما مضى بشكل وثيق مع إسرائيل، كما فعل أولئك في تركيا .. إنه لهدف إسرائيل أن تبقي مصر على خطاها .. لكن مع مقتل خمسة من رجال الشرطة المصريين و هجوم المتظاهرين على مقر السفارة الإسرائيلية في القاهرة، أصبح الوضع الماضي محل تساؤل.
إسرائيل لديها موارد هامة لازالت في مصر توضع بعين الاعتبار .. بالأخص مثلما رأينا في 11 أغسطس من 2011 و عندما كان مبعوث "كتلة بوش" ديفيد والاش يجتمع مع الإسرائيليين و ممثلي القذافي في القاهرة بفندق الفور سيزنز، كانت السي آي إي و الجواسيس المصريين موجودين في الغرفة، كانت هناك رشاوي مخطط لها لتدفع للصحفيين و ناشطي السلام في محاولة أخيرة لإنقاذ حليف آخر من حلفاء إسرائيل .. القذافي.
و الحال هكذا، فإن تركيا ستكون في "رحلة طريق" لتكسب حلفاء ضد إسرائيل و للإحاطة بمؤيدي أمريكا و ابتزازها.
فتركيا لديها ما يقرب من نصف الأسرار النووية، و قد تحصلت عليها من خلال الشراكة الجوسسية مع أيباك ( اللوبي المؤيد لإسرائيل في أمريكا )، الأمر الذي وصل لي عندما قابلت مخبرين من داخل مكتب التحقيقات الفيدرالي من إدارة بوش في البيت الأبيض .. فلقد كان لديهم شي ليقايضوه .. و يبدو أن تركيا تستطيع كشف التفاعلات النووية بسرعة.
إن الشراكة مع الهند بمثابة قاعدة لإسرائيل، و الهند تبني صواريخا بالستية عابرة للقارات، قادرة على حمل 10 رؤوس نووية، كذلك تلك الصواريخ قادرة على الوصول للولايات المتحدة، و قد طلبت إسرائيل 10 صواريخ منها، الأمر الذي يجعلهم قادرين على ضرب أمريكا بـ 100 قنبلة هيدروجينية، لم يكن هذا متوقعا لكن هذه الصفقة مع الهند تم تأكيدها بالفعل، و تلك الأسلحة للمفارقة صنعت بتقنية أمريكية سرقت عن طريق إسرائيل و (تركيا)، و لباكستان بدورها جواسيسها اللذين يعملون داخل كل جانب من جوانب المشروع، لم يصبح الأمر سرا على أي طرف إذا.
الصين تدرك ما سبق بدورها، و تعتقد بأنها هدف محتمل لتلك الأسلحة الهندية، و بالتالي فالصين تقوم بنقل تكنولوجيا متقدمة لباكستان، ليس فقط فيما يتعلق بالسلاح النووي بل الطائرات و الصواريخ ذات التصاميم و التقنية الحديثة.
في الواقع، و من وجهة نظر عسكرية، فإن الهند تلقي بضلالها على باكستان.
لكن مع تردي الوضع الاقتصادي الأمريكي و الاعتماد على الصين لشراء ديون أمريكا، فإن المراهنة ضد الصين و علاقتها المقربة من باكستان أمر غير محبذ، إذ أن باكستان بمثابة موطيء قدم للصين في آسيا الوسطى، و كذلك هي المدخل لميناء جوادر في المحيط الهندي، كما أن الصين تعتمد على نفط المنطقة و ترى المحيط الهندي كمساحة استراتيجية هامة.
باكستان تستغل ذلك بالطبع، في الوقت الذي يموت فيه الروس ضحكا، فقد ساعدوا في توريط أمريكا بالسقوط في أفغانستان،فتدعم المجاهدين مثيرة سخط السي آي إي و الجيش الأمريكي لدوره في إغراق روسيا بالهروين الرخيص من أفغانستان.
ذلك الهروين دمر النسيج الاجتماعي لروسيا بقدر ما أضرت أرباح المخدرات التي وصلت للنظام السياسي في أمريكا و زعزعت استقرارها، و جعلت الحدود مع المكسيك مفتوحة على مصراعيها و أبقت أمريكا في أفغانستان كحارسة لأكبر وكر أفيون في العالم.
ما التغييرات التي سنراها ؟!
الحكومة الليبية الجديدة أكثر من مدركة لتدخلات إسرائيل لصالح القذافي، مما يجعلها عدوا لدودا لتلك الأخيرة، على الرغم من التقارير الكاذبة التي زرعتها إسرائيل في وسائل الإعلام، و مصر في الملعب بدورها، و يمكن أن تسير الأمور في أي اتجاه، اعتمادا على سير الاجتماعات مع تركيا هذا الأسبوع.
و مع مسألة تصويت الأمم المتحدة على غزة، ستستعمل أمريكا حق الفيتو ضد الاعتراف بقيام دولة فلسطين، مما سيدفع مصر و تركيا للواجهة أكثر، في الوقت الذي تتحطم فيه هيبة أمريكا و المنطقة.
إن رد فعل إسرائيل خاضع لنظامها الليكودي القمعي، و عرضة لهجوم من الداخل، نتيجة فشلها الاقتصادي، مما سيضغط بطبيعة الحال للقيام بعمل عسكري ضد غزة.
وقد ترغب أيضا بـ"العبث" بلبنان، مستغلة ضعف سوريا الحالي، و هذا سيكون خطأ، فسوريا لن تشتعل نارا بسرعة مثل نظام القذافي، فوضعها حساس جدا، و لن يفقدوا مكانهم على الطاولة بسهولة، مع الوضع بعين الاعتبار محاذاتهم للجانب التركي، و هي أمة ذات تاريخ غير سار في المنطقة منذ مئات السنين، تلك السمعة التي تحاول تركيا اليوم إصلاحها.
هذا الأمر أيضا قد يسير في اتجاهات عدة، فإسرائيل لازالت تملك أسلحة نووية، و "ميزتهم" هذه في الشرق الأوسط ستجعل منهم هدفا محتملا.
إن الجيش التركي أكثر من مجرد منافس بالنسبة لإسرائيل ، بل ليس قريبا حتى من هذا المفهوم، و هنالك توقعات بأن مصر ستقوم بأكثر من مجرد أخذ موقف، بعد الوقت الذي تحول فيه جيشها لمجرد قوة دفاعية كما هو الحال في تركيا مع الضباط الفاسدين.
مالذي سيحدث ؟!
إسرائيل، مع كل خططها – و تورطها المحتمل في أحداث 11 سبتمبر، كذلك تورطها المثبت في غزو العراق، و مكائدها العديدة ليست فقط في واشنطن بل في القاهرة و أنقرة و عواصم عدة في المنطقة – إنها هي الخاسر الأكبر، فإسرائيل اليوم معزولة تماما، وأصبحت التضحية بها من جانب الولايات المتحدة أمرا موضوعا بعين الاعتبار على الرغم من تصريحات أعضاء الكونجرس بخلاف ذلك.
عندما تحولت إسرائيل ضد الديموقراطيين، على الرغم من حقيقة أن 79 بالمائة من يهود أمريكا يدعمون الحزب الديموقراطي، و تحولت للحزب الجمهوري و المسيحيين الصهاينة – فكأنما هي حصلت على "أصدقاء" لن تستطيع أن تثق بهم أبدا.
لسنوات، عرف المحافظين الأمريكيين بكراهيتهم لليهود، و منعهم من تكوين منظمات، و الإبقاء على شعار "غير مسموح لليهود" في المنتجعات و الأحياء الراقية.
و الولايات الحمراء، كانت دائما تنادي بأنه لا يسمح للهنود و الزنوج بالتواجد بعد غروب الشمس، قد لا يدرس هذا في كتب التاريخ، و لكنه التاريخ الحقيقي، و الجيل الأمريكي لليهود اللذين يتذكرون معاداة السامية الحقيقة – و ليست المزيفة على نمط أبراهام فوكسمان – يعرفون من هم أصدقاؤهم الحقيقيون.
تركيا، و ليس إيران، ستجد نفسها مضطرة للحصول على سلاح نووي، لكن تركيا مع ذلك حليف أمريكي طويل الأمد، و بحصانتها كعضو حلف النيتو، و في القلب موالية لأمريكا و الغرب، كما أنها كانت تسيطر على أكثر العقارات الاستراتيجية في العالم.
تركيا هي أيضا عدو شرس بلا هوادة، و كان غباءا من إسرائيل ألا تعتذر لها، و غباءا ألا تقدم التعويضات اللازمة، معتمدة على ترسانتها النووية و أصدقائها في الولايات المتحدة لحمايتها.
لا أحد سيستفيد من ذلك، ليس الفلسطينيين، و لا مصر، فقط أولئك اللذين يتمنون رؤية وجه إسرائيل في التراب.
كان هناك أمل بأن إسرائيل نفسها قد ترى ولادة جديدة للديموقراطية، خاصة مع 500.000 متظاهر يطالبون باستقالة حكومة نتنياهو المتطرفة .. كان هنك أمل.
الخاسر الثاني ستكون الولايات المتحدة، فباكستان ستأتي بالصين لآسيا الوسطى، و تركيا قد تجلب لهم منطقة البحر الأبيض المتوسط و زيادة.
و سواء اختار الأمريكيين الاعتراف أم لا، فإن بوش قتل مستقبل العسكرية الأمريكية، و التخفيضات الاجتماعية و برامج التوظيف لن تكون كافية، و على أمريكا أن تجمع قوتها العسكرية المتناثرة، و تسحب قواعدها حول العالم، و إلا ستموت اقتصاديا في أقل من خمس سنوات.
و الطريقة الوحيدة الأخرى للخروج من هذا المأزق هي "إنكار الدين" و هذا الأمر يتطلب الدعم الكامل من الصين و اليابان.
في ضوء هذه القضايا هذه المشاكل و الأزمات، "إسرائيل" تلك البلد الصغيرة التي تملك سيطرة كبيرة على حكومة الولايات المتحدة ستستيقظ ذات صباح كمياه راكدة منسية فيما يخص الشؤون العالمية و العلاقات الدولية.
فيما مضى عام 1981، بدا أن إسرائيل ستكون جارا مسالما في الشرق الأوسط و موجهة للمضي قدما، ربما ليس نحو حكومات منتخبة انتخابا حرا، لكن على الأقل لم تعد جانبا ثانويا في الحرب الباردة.
كانت هنالك دروس من العام 1981، عندما زار اليهود القاهرة كضيوف شرف.
500.000 إسرائيلي بلا مسكن، عاطلين، يقولون بأنهم لم يعودوا قادرين على التحمل أكثر، على الرغم من المليارات التي تعطيها أمريكا لهم، و إسرائيل تحاول أن تدير العالم من خلال فدادين من الرمال، و المزروعة اليوم من قبل العمال الأجانب.
إذا استمرت حكومة إسرائيل المتطرفة في حملتها للتخويف، مساندة من قبل أيباك و( ADL ) (رابطة مكافحة التشهير)، فإن إسرائيل لن تنجو .. لكن إسرائيل لن تموت وحدها.
و المشكلة الأخرى أنه لا يوجد قائد سياسي مهتم في إسرائيل أو في المجتمع الصهيوني في الولايات المتحدة.
أحلام السيطرة على العالم .. كما شهدنا دائما، لم تترك مجالا لبقاء إسرائيل أو نجاتها .. أو أي دولة أخرى.
بقلم غوردون داف
العنوان : الحرب النووية القادمة
الوصف : أسلحة الدمار الشامل لإسرائيل .. أمر كان اللوبي الصهيوني يستعمله لخداع الولايات المتحدة لسن...
الوصف : أسلحة الدمار الشامل لإسرائيل .. أمر كان اللوبي الصهيوني يستعمله لخداع الولايات المتحدة لسن...

0 الردود على "الحرب النووية القادمة"
إرسال تعليق