(إن هدف (روكفولر) وأتباعه تأسيس حكومة عالمية واحدة تجمع بين الرأسمالية والشيوعية... هل أقصد من هذا ان هنالك مؤامرة؟ أقول نعم، إذ إني أؤمن بأن هنالك مؤامرة عالمية مخطط لها منذ عدة أجيال وبطبيعة هائلة السوء!)
لورانس باتون مكدونالد (Lawrence Patton McDonald)،
عضو الكونغرس الامريكي في عام 1976
* * *
(نحن هذا اليوم في لحظة نادرة وخارقة للعادة. إن أزمة الخليج، رغم خطورتها، إلاّ أنها تمنحنا الفرصة النادرة من اجل التوجه الى حقبة تاريخية من التعاون. ومن هذه الحقبة الصعبة، فإن هدفنا الخامس هو ان نظام عالمي جديد، يمكن أن يرى النور..)
من خطاب الرئيس الامريكي (بوش الاب) في 11/9/1990، أمام الكونغرس الامريكي
لحظة اعلانه عن انطلاق الحرب ضد العراق من اجل تحرير الكويت
* * *
(مثلما أنه لا يمكن إيقاف الحروب في العالم، فإنه لا يمكن إلغاء تجارة المخدرات في العالم، فكلاهما يدران أرباحا طائلة لجهات واحدة تعلو فوق كافة القوانين والدول).
(كونراد شتينر) الخبير الألماني في معهد الأبحاث التنموية في بون
-----------------------------------------------------------
هنالك موقفان متعارضان متطرفان حول هذه المسألة الحساسة جداً والخطيرة بنفس الوقت، لأنها تمس المصالح المباشرة لشعوب العالم أجمع، وخصوصاً البلدان الضعيفة والمتوترة الاوضاع وذات موقع استراتيجي وتاريخي حساس، مثل بلدان الشرق الاوسط، والعراق بالذات.
هذان الموقفان المتعارضان هما:
ـ الموقف المؤمن تماماً بهذه النظرية وبدرجة مبالغة وحرفية بحيث تبدو مثل (القدر الالهي) الذي لا يمكن أبداً مواجهته والتخلص من حتميته، وما علينا إلاّ الخنوع له والتحسر على مصيرنا المظلم. ويعاني بعض أنصار هذه النظرية من نوع الهلوسة أشبه بالخبل إذ يتصورون ان العالم محكوم بمجموعة من الشياطين الجبابرة المتلبسة بأشكال بشر.
ـ الموقف المعاكس النافي تماماً لمثل هذه النظرية، وينظر الى السياسة العالمية بنوع من السذاجة والرومانسية وكأن العالم لا يقوده إلاّ الحكماء العقلاء العلميين الذين يشتغلون بكل صراحة وعلنية، ولا يفكرون إلاّ بمصالح شعوبهم، وفي أحسن الاحوال يفكرون بمصالح العالم، وفي أسوء الاحوال يفكرون بمصالحهم الطبقية والشخصية! المهم انهم عقلاء وعلميين ومشاريعهم مكشوفة، وان كل ما يطرح في وسائل الاعلام هو صحيح تماما ويعبر عن حقيقة السياسة العالمية.
الحقيقة في الوسط
كما تعودنا في (فلسفتنا الوسطية)، ان نبحث عن الحقيقة في الموقف الوسطي بين موقفين متطرفين، فنقول:
نعم هنالك (مؤامرة عالمية) وهنالك قوى سرية تخطط بالسر للتحكم بسياسة العالم، ولكن هذه القوى:
ـ لا تتكون من شياطين وكائنات خارقة، بل هم بشر مثلنا تجمعهم (المصالح)، ولكن خصوصا تجمعهم (العقيدة). يكفي مطالعة المكتبات ومواقع الانترنت لنجد أن هنالك العديد من هذه المنظمات السرية العالمية المعروفة بصورة رسمية ومن أبرزها (الحركة الماسونية Maconic) و (حركة المستنيرين Illumunati) و(الجمجمة والعظام Skull and bonds)، وغيرهم. (طالع القسم الاول).
ـ بما ان هذه المنظمات تتكون من بشر، فهي إذن مثل كل المنظمات، عرضة للأختلافات الداخلية والتطورات العقائدية بين أعضائها. وهذا يعني ان هنالك منظمات تتراجع وتضعف مثل (الماسونية)، وغيرها تتخذ أشكالاً جديدة وتنشط وتسيطر، مثل (المستنيرين).
ـ ان النشاط السري عبر التاريخ، كان ولا زال من أولويات نشاط أية دولة: (أجهزة المخابرات والتجسس)، بل حتى المؤسسات الاقتصادية والعلمية: (التجسس التقني والعلمي). من دون النشاط السري وفنون التعتيم والخداع، لا يمكن لأية دولة أن تستمر وتضمن أمنها داخلياً وخارجياً. لهذا فأن دول الغرب الكبرى، ومع قوتها العالمية في جميع النواحي العسكرية والاقتصادية والثقافية والتقنية، فأن فنون القيادة والتأثير والعمل السري، قد تطورت فيها الى حد بعيد بصورة تفوق التصور.
ـ يبقى أن نأخذ بنظر الاعتبار هذه الحقيقة المهمة جداً: ان هذه المؤامرة العالمية، مهما كانت مسنودة مخابراتياً واقتصادياً وتقنياً واعلامياً، فأنها بصورة مطلقة ويقينية، يستحيل عليها التأثير على أي بلد من دون تواطئ وتعامل وشراء ذمم النخب الفاعلة لهذا البلد. ان قوة هذه المؤامرة العالمية الخارجية تكمن في انقسام الشعب وفساد نخبه وضعف وحدته وهويته الوطنية. إذن، هذه (المؤامرة العالمية) ليست قوة شيطانية جبارة لا يمكن الفكاك منها، بل يمكن بسهولة لو قرر الشعب ونخبه فعلاً العودة الى الضمير الوطني و (الكفاح الشعبي السلمي ـ الثقافي) من اجل الحرية والكرامة. فمن الحمق والسذاجة الاعتقاد بأن (المقاومة المسلحة) قادرة على مواجهة هذه المؤامرة، بل العكس تماماً، لأن من أول أساليب هذه المؤامرة انها تشجع العنف والعمل المسلح في الشعب المعني من اجل تبرير ممارسة القوة ضده وتفريقه وبث روح العنف والخراب في صفوفه، وهذا بالضبط الذي حصل في بلادنا، ليس فقط بعد الاجتياح الامريكي عام 2003، بل قبل ذلك بسنوات طويلة، حيث كانت النخب العراقية، الحاكمة والمعارضة، جميعها متواطئة وفاسدة ومعدومة الضمير الوطني.
دور اليهود
نظرية المؤامرة العالمية ارتبطت دائماً بفكرة (دور اليهود القيادي فيها). ولكن مراجعة تفاصيل وتاريخ هذه المؤامرة يعطينا النتيجة التالية:
إن دور اليهود في قيادة المؤامرة، مضخم جداً ومصطنع، بل هو مقصود لكي تلقي تبعيات هذه المؤامرة على اليهود. أفضل تشبيه لنا لتوضيح هذه الاشكالية الحساسة، مسألة (الاسلام المتطرف والقاعدة). فمن المعلوم ان هذه (القاعدة وبن لادن) هي صناعة المخابرات الامريكية، لكي يكونوا حجة دامغة لتشويه سمعة الاسلام والمسلمين، وتبرير غزوهم واضعافهم بأسم مكافحة الارهاب.
نفس الحال بالنسبة لـ (الحركة الصهيونية واسرائيل)، بالاضافة الى إبراز بعض الاسماء اليهودية الفاعلة مثل (آل روتشيلد)، لكي تكون واجهة لتسليط الاضواء على دور اليهود في قيادة الغرب والمؤامرة العالمية.
تتوضح لنا خفايا هذه (المؤامرة الخفية ضد اليهود)، لو طالعنا عقيدة (التيار المسيحي الصهيوني) المؤثر جداً في امريكا، والذي يلعب دوراً أساسياً في دعم اسرائيل والتحالف مع اليهود (طالع القسم الاول - الملحقات). فأنه بالوقت الذي يدعم قيام اسرائيل، يؤمن كذلك بحتمية تدميرها من اجل تحقيق نبوءة التوراة وظهور السيد المسيح، وتحول جميع اليهود الى مسيحيين! إذن وضع اليهود في الواجهة، غايته توريطهم وبث الاحقاد ضدهم وتهيأة أجواء خراب دولتهم المصطنعة وإجبارهم على التخلي عن اليهودية!
الموقف من الغرب وامريكا
من أكبر أخطاء غالبية من يؤمنون بهذه النظرية، الاعتقاد بأن معاداة الغرب وامريكا من أولويات الكفاح الوطني. وهذا أيضاً تصور ساذج تشجعه المؤامرة نفسها، من أجل حرمان الشعوب المغلوبة من أنصارها الحقيقيين من أبناء الشعوب الغربية ونخبها. يتوجب الادراك، بأن هذه المؤامرة لا تبتغي فقط شعوب العالم الثالث، بل هي تمارس أيضاً ضد شعوب اوربا وامريكا نفسها، من خلال مسخها اقتصادياً وثقافياً وروحياً والابقاء عليهم كقطعان من جيوش عملية الانتاج القاسية والمهلكة نفسياً وإنسانياً، وجعلهم عبيداً للاستهلاك يلهثون بلا انقطاع من اجل اشباع الغرائز. لهذا فأن هنالك قطاعات واسعة ومتنامية من أبناء هذه الشعوب وسياسييه ومثقفيه ورجال الدين، ممن يدركون حقيقة هذه اللعبة الجهنمية ويكافحون بكل الطرق من أجل فضحها وإيجاد المشروع الانساني البديل لها. إذن المطلوب هو خلق التعاون بين القوى الايجابية الناشطة ضد هذه المؤامرة العالمية في كل من الاوطان النامية وفي اوربا وامريكا.
من كتاب المنظمات السرية التي تحكم العالم
يتبع ........
العنوان : نظرية المؤامرة العالمية، هل هي صحيحة ؟! ( الجزء الاول )
الوصف : (إن هدف (روكفولر) وأتباعه تأسيس حكومة عالمية واحدة تجمع بين الرأسمالية والشيوعية... هل أقصد من هذا ان هنالك مؤامرة؟ أقول نعم، إذ إني...
الوصف : (إن هدف (روكفولر) وأتباعه تأسيس حكومة عالمية واحدة تجمع بين الرأسمالية والشيوعية... هل أقصد من هذا ان هنالك مؤامرة؟ أقول نعم، إذ إني...
0 الردود على "نظرية المؤامرة العالمية، هل هي صحيحة ؟! ( الجزء الاول )"
إرسال تعليق