نظرية المؤامرة العالمية، هل هي صحيحة ؟! ( الجزء الثالث )


اعترافات الحكيم الامريكي


* لهذه الاسباب قررنا تدمير الشرق الاوسط:
-أولا: تدمير الاسلام من خلال خلق العداء والتناحر بين الشيعة والسنة
-ثانيا: منع أي تقارب بين الجماعات القومية الاساسية التي تشكل الشرق الاوسط
-ثالثا: منع أي تقارب بين العلمانيين والمتدينين
-رابعا: منع أي تقارب بين العرب (مسلمين ومسيحيين) واليهود
-خامسا: منع أي تقارب مسيحي ـ اسلامي في الشرق الاوسط

* هذه هي الأسباب السرية جداً لأحتلال العراق:
-القيمة التاريخية والباطنية العظمى للعراق
-القيمة السياسية ـ الدينية للعراق
-ستراتيجيتنا الحالية في العراق

* هكذا نضعفكم، وهكذا يمكننا النهوض:
-سياسة الراية الخداعة
-الاعلام أخطر أسلحتنا الحديثة
 -التيار التدميري والتيار السلمي

* من اجل ستراتيجية شرق أوسطية جديدة:
-أولا: على الصعيد العالمي، إقامة تحالف وحوار شعبي ونخبوي شرقي ــ غربي
-ثانيا: على الصعيد الشرق أوسطي، العمل على اقامة سوق ووحدة شرق أوسطية مشابهة للوحدة الاوربية
-ثالثا: على الصعيد العراقي، ليكن العراق مركزاً للسلام والحوار والتقارب الشرق الاوسطي والعالمي، وليس مركزاً للمؤامرات والحروب والآيديولوجيات التوسعية والامبراطورية!

لهذه الاسباب قررنا تدمير الشرق الاوسط؟


ان العالم العربي مع تركيا وايران، يمكن ان يحقق وحدة مصالحية مثل الوحدة الاوربية


هذه الاسرار الخطيرة كشفها لي صاحبي (الحكيم الامريكي) وهو على فراش الموت. إنه أحد زعماء (فيدرالية الاخوة العالمية IFB) وهي المنظمة السرية التي تتحكم بالعالم من خلال سيطرتها على قيادات أمريكا والكثير من الدول الغربية. طلب مني أن أفعل كل ما يمكنني لكي أبلغكم هذه الحقائق التي تجهد قيادات أمريكا لأخفائها رغم إنها متداولة بين العديد من قادة الغرب والمختصين بمتابعة السياسة الامريكية.
نعم ثمة مشروع سري يخص الشرق الاوسط تقوده هذه (الفيدرالية العالمية) يجري تطبيقه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. يهدف هذه المشروع الى منع أي استقرار وسلام وتطور في المنطقة من خلال حروب أهلية ودولية تبقيها دائماً ضعيفة متوترة متخلفة. واللجوء أحياناً الى التدمير الشامل لبعض البلدان حسب النموذج العراقي، لكي يتم فيما بعد إعادة بنائها بالصورة الملائمة تماماً لمصالح أمريكا، حسب المبدأ المعروف: النظام ينبثق من الخراب: (Ordo ab chao).
هنا مختصر المشروع :
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية تم الاتفاق السري بين القوى الغربية على أن ترث أمريكا المستعمرات الاوربية الانكليزية والفرنسية، ولكن بطرق استعمارية جديدة تتميز بالتخطيط البعيد المدى، وتعتمد أساساً الوسائل الثقافية والسياسية والمخابراتية أكثر من اعتمادها على الجيوش.
بالنسبة لمنطقة شرق البحر المتوسط (البلدان العربية وتركيا وايران)، فقد توصلت القيادات الامريكية الفاعلة، العلنية والسرية، الى القناعة التالية:
ان هذه المنطقة الواسعة الواقعة شرق البحر المتوسط، شكلت عبر التاريخ المركز الحضاري الخطير المنافس للمركز الحضاري الاوربي (غرب البحر المتوسط). وهي بكل بساطة المنطقة المجاورة مباشرة لأوربا، حيث تمتد من مضيق البسفور التركي الى مضيق جبل طارق المغربي - الاسباني. وهذه المنطقة هي التي تفصل اوربا عن باقي العالم القديم (قارتي آسيا وأفريقيا). وفيها تشكلت أولى حضارات التاريخ: العراق ومصر وسوريا. ومنها جاءت الى اوربا غالبية المعارف والمكتشفات مثل الابجدية، وكذلك العقائد والاديان، ومن أبرزها المسيحية واليهودية والاسلام. ومن هذه المنطقة انطلقت القوى الغازية لأوربا: فينيقيون ثم عرب ثم أتراك. وكانت الامبراطورية العثمانية آخر القوى العالمية الشرقية التي احتلت شرق اوربا وظلت تهدد سلامتها لعدة قرون. ولحسن الحظ نجح الغرب بتدمير هذه الامبراطورية من خلال التأثير في النخب العثمانية نفسها وجعلها تتبنى الثقافة الغربية وتتبنى الفكر القومي التقسيمي الرافض للوحدة الاسلامية العثمانية.


خارطة الاحتلالات المتبادلة بين ضفتي البحر المتوسط (الاوربي ـ الشرقي)
منذ اليونان ثم القرطاجيون وهانيبعال (هانيبال)، ثم الرومان وبعدهم العرب
ثم العثمانيون وأخيراً الاستعمار الحديث وتكوين اسرائيل..


ولخطورة وأهمية هذه المنطقة بالنسبة لأوربا، فأنه طيلة التاريخ جهدت القوى الاوربية الفاعلة من اجل اضعافها والسيطرة عليها: الرومان، الصليبيون، ثم الفتوحات الاستعمارية في القرون الاخيرة، حتى سياسة التغلغل والاضعاف والسيطرة الممارسة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى الآن!
بالاعتماد على هذا الفهم لتاريخ العلاقة بين الشرق والغرب، فأن (IFB) وضعت استراتيجيتها التي تتمحور حول الهدف الرئيسي والنهائي التالي:
منع أية إمكانية لتوفر شروط ثقافية ودينية وسياسية واقتصادية مستقرة وآمنة تسمح لشعوب المنطقة بأن تتقارب وتتعاون وتبني قوة حضارية كبيرة قد تشكل مستقبلاً امبراطوية خطرة تهدد سلامة الغرب، ومصالح أمريكا بالذات!! بأختصار شديد، ان سلامة الغرب وأمنه يستوجب الضمان الأكيد بوجود أنظمة ملائمة ومتحالفة مع الغرب ومع أمريكا بالذات. وليس هنالك أية امكانية لتحقيق هذه الضمانة إلاّ باللجوء الى المبدأ المعروف (النظام ينبثق من الخراب)، أي العمل على تهيأة جميع الاسباب لتدمير المنطقة بكاملها من اجل إعادة بنائها، دول وشعوب وثقافات وقناعات ومصالح، بما ينسجم تماماً مع مصالح الغرب...
ان هذا الهدف الاستراتيجي للتدمير الكامل يعتمد على توفير العامل الأساسي التالي:
خلق التوتر والعداء والتعصب بين الجماعات الأساسية التي تتكون منها مجتمعات الشرق الاوسط.
صحيح ان هنالك ما لايحصى من الدول والجماعات السياسية والقومية والدينية، إلاّ ن باحثينا قد توصلوا الى تحديد جماعات فعالة تعتبر أساس مجتمعات الشرق، وهي:
ـ المسلمون السنة، المسلمون الشيعة، العلمانيون، المتدينون، اليهود، المسيحيون، بالاضافة الى الجماعات القومية المختلفة من عرب وأتراك وفرس وأكراد، وغيرهم.
أما التطبيق الفعلي فقد تركز على  المبدأ التالي:
نحن لا نختلق المشكلة... بل نعثر عليها ونساعد على استفحالها. نحن مثل المنقبين عن النفط، لا نصطنعه بل ننَّقب عنه وما أن نعثر عليه حتى نحفر الآبار من أجل تفجيره واستثماره!
بناءً على هذا المبدأ شرعت لجاننا المختصة التي تضم العديد من الباحثين من أبناء الشرق الاوسط وغيرهم في مختلف المجالات، للتنقيب عن المشاكل الكبرى الكامنة تحت الارض والمعتم عليها، من اجل إظهارها وإنضاجها وتفجيرها.
عليه فقد رسمت إستراتيجيتنا على المحاور الأساسية التالية:

أولا، تدمير الاسلام من خلال خلق العداء والتناحر بين الشيعة والسنة:


ان هذه النقطة تعتبر من أهم وأخطر أهداف إستراتيجيتنا الكبرى في إضعاف المنطقة وإنهاكها وتغذية روح الضغينة والحروب بين شعوبها.
يتوجب التوضيح الى اننا نمتلك نظرة الى الاسلام والمسلمين لم نتجرأ ان نفصح عنها بصورة علنية. لقد اقتنعنا بأن الاسلام، وبعد هزيمة الشيوعية، ظل هو العقيدة الوحيدة في العصر الحديث التي تمتلك هذه الطاقة الروحية العجيبة في مواجهة الحضارة الغربية بكل جبروتها وعنفوانها. أكثر ما يثير دهشتنا في المسلمين، انهم مهما اعترفوا بضعفهم وتخلفهم الحالي، إلاّ أنهم يصرون على امتلاك تلك القناعة الدينية العميقة بأن (الله والحق) معهم. ومهما اعترفوا بأن الغرب حالياً هو الغالب والمهيمن والمالك للحضارة والعلم، إلاّ أنهم رغم ذلك يصرون على التمسك بـ (ماضيهم التليد) و (مجتمعهم السالف العظيم) الذي حسب اعتقادهم، يفوق بعدله وعظمته الحضارة الغربية الحالية! وبالتالي هم يمتلكون كل المبررات للنظر بعين الاحتقار لحضارتنا الحالية، من أجل بناء حضارتهم الأسلامية الموعودة.
لهذا فأننا قررنا اللجوء الى الحل السحري المعروف لتدمير أية عقيدة عنيدة، أي من خلال المؤمنين بها أنفسهم. نعم تدمير الاسلام من خلال المسلمين أنفسهم. منذ أعوام الخمسينات ونحن نشتغل على هدفنا هذا بصورة هادئة وحساسة باذلين الجهود والاموال الطائلة، حتى نجحنا أخيراً في بلوغ مرحلة متقدمة. لقد توصلت لجان باحثينا التي تضم مسلمين ومختصين بالاسلام، الى أهم خطوة من أجل ذلك، وتكمن بخلق قطبين متناحرين يشقان الاسلام والمسلمين في الصميم. هكذا في نهاية أعوام الخمسينات، وقع اختيارنا على ان تكون العربية السعودية مركز القطب السني، وايران مركز القطب الشيعي. لقد اشتغلنا بمهارة ودبلوماسية على الدولتين. فمن ناحية، أوحينا وشجعنا السعودية على نشر الفكر الوهابي بين الحركات الاسلامية وخصوصاً الاخوان المسلمين وبناء الجوامع والمؤسسات الوهابية في أنحاء العالم الاسلامي والجاليات المسلمة، وتشجيع الافكار السلفية والمتعصبة ضد الشيعة خصوصاً. من ناحية ثانية، إستعنّا بحليفنا شاه ايران لكي يدعم تأسيس الأحزاب والمؤسسات الدينية الشيعية في العراق ولبنان وباكستان وغيرها من البلدان. لكننا للأسف إضطررنا للتخلص من حليفنا الشاه عندما بلغنا المرحلة الثانية من المشروع، إذ دعمنا ولا زلنا ندعم خفية سلطة الملالي في ايران لكي تكتسب مشروعية أقوى كزعيمة دينية طائفية لشيعة العالم، مرادفة للعربية السعودية كزعيمة سلفية للسنة.
في أعوام السبعينات استفدنا كثيراً من ردود فعل المسلمين ضد الاحتلال السوفيتي لأفغانستان، وبالتعاون مع حليفتنا السعودية، استثمرنا الكثير من العناصر الشابة المسلمة الثائرة التي وافقت على التعاون معنا لمكافحة الوجود السوفيتي، وشرعنا من خلال عملائنا بتأسيس الحركات السلفية الأسلامية وعلى رأسها الطلبان والقاعدة. من يصدق بأن (ثقافة العمليات الانتحارية الأسلامية) نحن من أبدعها بواسطة لجاننا المختصة، ثم نجحنا من خلال عملائنا ببثها بين الأسلاميين الجهاديين لكي يمارسونها في عملياتهم الارهابية ضد اخوتهم المسلمين أنفسهم!
كانت ذروة نجاحاتنا في هذا المجال، ما يسمى  بـ (كارثة 11 سبتمر 2001). نعم ان عملية تدمير البرجين في نيويورك كانت من صنع (القاعدة)، لكننا نحن من صَنَعَ القاعدة، ونحن من هيأ كل أسباب نجاح هذه العملية. فبأسم مكافحة الارهاب الأسلامي، تمكنّا من استعادة كل قوانا وتنظيم صفوفنا وإبعاد وتصفية كل المعارضين لنا في داخل القيادات الامريكية والغربية، وحركنّا أساطيلنا لغزو العالم بدءً من افغانستان ثم العراق.
لا زالت هذه الحركات السلفية تخدم مشروعنا بصورة مباشرة أو غير مباشرة من خلال مساهمتها الفعالة في تدمير العالم الأسلامي وتأجيج التناحر الدامي مع الشيعة. إننا تمكنّا من خلق شبكات بعيدة عن الشبهة رغم تبعيتها السرية لنا، لكي تغذي وتدعم مالياً وعسكرياً ومخابراتياً هذه الحركات الاسلامية العنفية، لأننا ندرك انها بالحقيقة مهما صدقت بمعاداة الغرب وأمريكا ومهما نجحت بقتل بعضاً من جنودنا، إلاّ أن مهمتها الأولى والكبرى تبقى محصورة في تدمير العالم الاسلامي وإضعافه من الداخل، ومنحنا كل التبريرات لكي نبعد معارضينا ونمارس هيمنتنا على العالم بحجة مكافحة الارهاب!
وكانت الخطوة الاخيرة في مشروعنا التدميري للاسلام، تتمثل في احتلال العراق لتحويله الى ساحة للصراع الدامي والشامل بين القطبين الشيعي والسني.
(هذه النقطة العراقية الخطيرة سوف نفصلها فيما بعد).

ثانيا، منع أي تقارب بين الجماعات القومية الاساسية التي تشكل الشرق الاوسط:


إن مشاريع تقسيم المشرق العراقي ـ الشامي الى دويلات
عرقية ودينية هو مشروع غربي اسرائيلي قديم


من خلال دعم التيارات القومية العرقية المتعصبة ذات الاحلام الامبراطورية والتوسعية، مثل التيارات القومية العربية والايرانية والتركية والكردية. فتيار القومية العربية مثلاً، قد لعب دوراً كبيراً في تأسيس وبث ثقافة الحقد القومي المتعصب ضد جيران العرب من أتراك وايرانيين، وكذلك فرض ثقافة العزل والتغريب للجماعات القومية غير العربية التي تتعايش مع العرب في ذات أوطانهم، مثل الاكراد والتركمان والزنوج وغيرهم. لقد نجحنا في منع أي تفاهم وسلام بين الاكراد وشركائهم في أوطانهم، من خلال دعم الجماعات القومية الكردية المتعصبة والانفصالية ومدها بالسلاح والدعم المعنوي والأعلامي. ان لجاننا المختصة هي التي صنعت للأكراد تلك الفكرة الرومانسية عن (كردستان الكبرى) وضخت في متعلميهم تلك الأساطير القومية والأوهام الكبرى عن تراث قومي عظيم، ليس له أي أساس من الحقيقة إلاّ في داخل لجاننا المختصة. بهذه الآيديولوجية القومية المتعصبة غذَّينا تلك الاحزاب والحركات التمردية الانفصالية في بلدان الشرق الاوسط من أجل إضعاف أي حكومة قوية قادرة على توفير السلام والاستقرار. لحسن حظنا ان الاكراد، رغم كل هذه التجارب الطويلة والكوارث المستمرة، لم يدركوا حتى الآن إن الرابح الوحيد من كل هذه التمردات، نحن وحدنا، بالاضافة الى تلك القيادات القومية المدعومة من قبلنا. لا زالوا حتى الآن بكل حماس يقدمون أنفسهم كوقود للمحارق القومية التي نطبخ عليها مشاريعنا.

ثالثا، منع أي تقارب بين العلمانيين والمتدينين، من خلال دعم الاتجاهات المتعصبة والمتطرفة لدى الطرفين:


قد تكون تجربة الاسلاميين الاتراك
أنجح حل واقعي للجمع بين الاسلام والحداثة

إننا بالوقت الذي سخرنا كل إمكانياتنا الاعلامية والثقافية والسياسية من اجل نشر الثقافة الغربية وتشجيع النخب العلمانية الحداثية، فإننا بنفس الوقت وبصورة غير مباشرة دعمنا دائماً التيارات السلفية والمتعصبة من خلال التركيز الاعلامي على رموزها ونشاطاتها والتحالف مع العربية السعودية مركز السلفية الوهابية في الشرق. بل إننا كثيراً ما دعمنا التيارات اليسارية والماركسية لأنها بعدائها المتعصب للدين تساهم بصورة فعّالة في تغذية الانشقاق العلماني ـ الديني وتعميق التطرف. فمؤسستنا الاعلامية والثقافية هي وراء انتشار تلك الفضائيات المتحاربة والمتطرفة في العالم العربي: أما دينية سلفية ظلامية، أو حداثية تتبنى آخر الصرعات الغربية فنياً وثقافياً واجتماعياً.

رابعا، منع أي تقارب بين العرب (مسلمين ومسيحيين) واليهود.

  
ان الواقع الجغرافي يحتم العودة لمشروع
(دولة واحدة لشعبين فلسطيني ـ يهودي)

ان أي تقارب عربي ـ يهودي يمكن أن يشكل أكبر خطر على الهيمنة الغربية. يجب تذَّكر الحقيقتين التاليتين:
ـ ان اليهود شرقيين بديانتهم وثقافتهم وانتمائهم وأصلهم. بالاضافة الى انهم ظلوا خلال القرون الطويلة في تقارب وتحالف مع المسلمين وساهموا في صنع حضارتهم.
ـ ان الجاليات اليهودية في بلدان الغرب نشطة ومهمة، وأي تقارب عربي -  يهودي، يعني أن تتحول هذه الجاليات اليهودية الى جاليات شرقية فعالة تخدم مصالح الشرق وحضارته المنافسة للغرب.
لهذا فأن غايتنا الاولى والكبرى من تكوين اسرائيل ودعم وجودها وقوتها، أن تقوم بدور القوة الشريرة المانعة لأي تقارب عربي - يهودي. إننا نبذل كل امكانياتنا لكي نخلق التوتر الدائم بين الطرفين، وندعم بصورة خفية العناصر المتعصبة، ونغذي القوى العسكرية الحربية لديهما ونشيع النميمة والأحقاد في وسائل الاعلام. فنحن الذي كنّا ندعم بصورة غير مباشرة الجماعات الفلسطينية المتطرفة من أمثال أبو نضال، الذي ساعدنا بتصفية الكثير من الكوادر المثقفة والسلمية الفلسطينية. ونحن أيضاً جهدنا بكل إمكانياتنا لكي نفشل انتفاضة الحجارة لأنها كانت سلمية ومناقضة لكل سياستنا بتأجيج العنف، وأقنعنا اسرائيل لكي تتفق مع عرفات، حتى نجحنا أخيراً بتسهيل عملية فوز حماس الاسلامية والاستحواذ على غزة لكي يدوم الصراع الفلسطيني ـ الفلسطيني، والاسرائيلي ـ الفلسطيني. لكننا بنفس الوقت نحرص على أن نوحي للجميع بأننا نفعل المستحيل لكي نقارب بينهما، وبين حين وآخر نمارس مسرحية دبلوماسية اعلامية للتوسط بينهما، تنتهي عادة بالفشل وديمومة الصراع! بفضل سياستنا هذه، نجحنا في منع أي تقارب عربي يهودي، وبنفس الوقت تخلصنا من ازعاجات اليهود وعدائهم التاريخي للمسيحية وللغرب من خلال تحويل هذا العداء ناحية العرب، اخوتهم في الدم والتاريخ.

خامسا، منع أي تقارب مسيحي ـ اسلامي في الشرق الاوسط:


ان عمليات قتل المسيحيين في بغداد كانت بدفع كردي ـ اسرائيلي
من اجل تكوين منطقة خاصة بهم في سهل نينوى
ضمن المشروع التقسيمي للعراق
  

وخصوصاً في (لبنان، والعراق، ومصر)، وذلك من خلال دعم العناصر المتعصبة لدى الطرفين، وتشجيع التوترات والحروب والمذابح بينهما. والعمل على خلق نخب مسيحية دينية وعلمانية مرتبطة تماماً بالغرب وتشعر بأن مسيحيتها تعني بأنها غربية وليست شرقية. وكذلك تشجيع الهجرة المسيحية الى بلدان الغرب وفتح الابواب لهم. للأسف اننا لم ننجح بتنفيذ مشروعنا بتكوين دولة مسيحية في لبنان لتكون مركز تجمع مسيحيي الشرق، على غرار اسرائيل.
بصورة لم نتوقعها تراجع القادة المسيحيين عن اتفاقاتهم معنا. إن هدفنا النهائي من هذه السياسة يهدف الى تفريغ مجتمعات الشرق من الوجود المسيحي (بعد أن أفرغناها من الوجود اليهودي بتكوين اسرائيل)، وكذلك من باقي الاقليات الدينية، لكي يصبح شرقاً مسلماً بكل معنى الكلمة. ان وجود اليهود والمسيحيين وباقي الجماعات الدينية وتعايشهم مع المسلمين، يصَّعب علينا كثيراً مواجهة الشرق واتهامه بالتعصب والتخلف ومعاداة الغرب لأننا مجتمعات مسيحية ويهودية! إننا نبتغي أن يتحول الشرق الى اسلامي 100% لكي تسهل علينا مهمة إقناع شعوبنا ونخبنا بمواجهة هذا الشرق ومعاداته باعتباره قوة اسلامية كاملة خطرة.

هذه هي الأسباب السرية جداً لأحتلال العراق!


تشييد سفارة أمريكية في بغداد، تعتبر أضخم سفارة في التاريخ!


لا أحد يدرك كم (العراق) مهم بالنسبة لنا نحن في (IFB). لقد نجحنا بالتضليل على السببين الأكبرين لاحتلالنا له، من خلال التركيز على السببين المعروفين الذين اتفق عليهما الجميع:
1ـ ان العراق، جغرافياً هو مركز الشرق الاوسط. السيطرة عليه تعني السيطرة على قلب الشرق الاوسط، جغرافياً وعسكرياً وحضارياً.
2ـ وهو كذلك اقتصادياً يمتلك أكبر خزين نفطي، بالاضافة الى النهرين والكثير من المعادن المهمة المكتشفة وغير المكتشفة.
لكن بالحقيقة ان هذين السببين ثانويين في استراتيجيتنا الخفية. فلو كانا هما الأساسيين كما أوحينا للجميع، لما اضطررنا أبداً لاحتلال العراق، لأن صدام حسين كان مستعداً لتقديم كل التنازلات لنا، يمنحنا حق استثمار البترول كما نرغب، وكذلك التعاون العسكري الكامل معنا بما فيه إنشاء قواعد عسكرية مشتركة في أنحاء العراق.
لكن طموحاتنا إزاء هذا البلد أكبر من إمكانات صدام مهما أراد التنازل لنا، إذ تتجاوز الى حد بعيد المصالح النفطية والعسكرية، الى مصالح استراتيجية سياسية وعقائدية وتاريخية تعتبر هذا البلد من أخطر المناطق في استراتيجيتنا الكبرى للسيطرة على العالم، وبالتالي تتطلب حضورنا المباشر في أرض العراق:
1ـ سياسياً ـ دينياً، وهذه نقطة مهمة جداً : ان شعب العراق يتنوع الى شيعة وسنة (بالاضافة الى الاكراد والتركمان والمسيحيين وغيرهم)، ويقع مباشرة وسط القطبين الاسلاميين المتصارعين: القطب الشيعي الايراني والقطب السني السعودي. وهذا يعني انه البلد الوحيد المهيأ جغرافياً وسكانياً، لأن يكون ساحة للصراع بين القطبين المتحاربين وتعميق الشقة في العالم الاسلامي أجمعه بين الشيعة والسنة. (سنفصل هذه النقطة بعد قليل).
2ـ رمزياً وباطنياً، وهذه النقطة تعتبر واحدة من أكبر أسرارنا التي نجهد لأخفائها : إن للعراق أهمية روحية تاريخية خطيرة بالنسبة لنا نحن أعضاء (IFB)، لحسن الحظ لم ينتبه لها أحد غيرنا. ليس صدفة أبداً إن رئيسنا بوش اختار يوم اعلان الحرب الاولى على العراق عام 1991 ليعلن عن نهاية نظام القطبين المتنافسين وانبثاق (النظام العالمي الجديد) أي ميلاد أول حضارة عالمية موحدة في التاريخ.

القيمة التاريخية والباطنية العظمى للعراق


تدَّعي التوراة إن خراب بابل كان انتقاماً لعذابات اليهود!

إننا نؤمن من خلال قناعاتنا الباطنية السرية الموروثة بأن الكون تتحكم به قوى جبارة خفية مجهولة، لغتها هي الرموز الكونية المعروفة، من أهمها أبراج النجوم. ان هذه القوى الجبارة منذ خلق الارض قد اختارت بعض المناطق لتكون مقرات ثابتة لها. يبدوا أنها قد اختارت الشرق الاوسط ليكون موطنها وأرض نشاطها وابداعها التاريخي والحضاري. وقد اختارت عاصمتين لها: (العراق) ليكون مركز الابداع الناري الفعال والاجتياحي والتوسعي. و(مصر) لتكون مركز الابداع المائي الانكفائي والمستقر. لهذا فأن هذين البلدين بقيا مركزا حضارة وتاريخ الشرق الاوسط وعموم العالم القديم طيلة آلاف الاعوام. ليس صدفة أبداً انهما كانا مقراً لأولى وأعظم حضارات البشرية، لأن تلك الحضارات كانت من صنع تلك القوى الجبارة المجهولة.
من المهم التوضيح: أن الحضارة المصرية لا تخيفنا لأنها طيلة التاريخ ظلت حضارة مسالمة، لم تنبثق فيها دولة توسعية ولم تمارس الغزو الخارجي إلاّ لأسباب دفاعية، إذ ظلت دائماً معتكفة على ذاتها وعلاقتها مع الجيران قائمة على الحماية والدفاع وليس التوسع والغزو. إنها حضارة روحانية أخروية جوهرها تقديس الحياة الأخرى، لهذا فأن أعظم رموزها هي (الاهرام)، ألتي هي أساساً قبوراً للملوك، وكتابها المقدس هو (كتاب الموتى) الذي فحواه كيفية تجاوز يوم الحساب وبلوغ الآخرة!
بينما الحضارة النهرينية هي النقيض تماماً، انها مادية دنيوية لا تؤمن بالحياة الاخرى ولا بجنة موعودة، بل غايتها الدنيا والمتعة، لهذا فأن أعظم رموزها هو (برج بابل والجنائن المعلقة) وهي رموز دنيوية غايتها العظمة والمتعة، أما كتابها المقدس فهو (قصة كلكامش) الذي أعلن صراحة استحالة بلوغ الخلود وإن غاية الانسان هو التمتع بالدنيا. نعم إن الروح العراقية نقيض الروح المصرية، لأنها نارية استحواذية توسعية، فكان العراق مقراً لامبراطوريات كبرى توسعية منذ البابليين والآشوريين، وصولاً لأخطرها امبراطورية العباسيين التي حكمت نصف آسيا وشمال افريقيا طيلة قرون. بل ان هذا البلد كان كذلك مقراً وعاصمة لامبراطوريات أجنبية كبرى، مثل امبراطوريتا الاسكندر المقدوني ثم الساسانيين الذين اختاروا المدائن عاصمة لهم.
لهذا فأننا في (فيدرالية الاخوة العالمية) قد آمنا  بأن الحضارة المصرية لا يمكنها أن تنافسنا، فبقينا دائماً في علاقة ايجابية معها بل جعلناها ركناً مقدساً في عقيدتنا الباطنية وتبنينا الكثير من رموزها الدينية. ونجهد دائماً لتسليط الاضواء عليها في وسائل الاعلام والمؤتمرات والجامعات والمتاحف والمكتبات.
أما الحضارة العراقية فهي منافسنا الاكبر لأنها الاقرب الينا، فحضارتنا الغربية هي صورة محدثة عنها، أي ذروة الحضارة المادية الدنيوية. إننا نعرف ونعترف بأن جذور الحضارة الغربية ترجع الى بابل، ونحن لا نتنكر لها، بل نخشى أن نعلن عن ذلك صراحة لألاّ تسرقنا هذه الحضارة وتستولي علينا، فتصبح (بغداد) هي (باريس ولندن ونيويورك). انها الروح التي نحتاجها ونقدسها في أعماقنا، لكننا لا نريد أن نعترف بها، إلاّ بعد التيقن من قدرتنا على السيطرة عليها. نحن مثل الابناء اليافعين، نحتاج الى الكثير من النضج والاستعداد لكي نتصالح مع معلمنا الاول ونتمكن من التفاهم الايجابي معه والاستفادة من خبراته وثرواته. ان العراق حضارة خطيرة بقدر ما هي جبارة وغنية وعظيمة. انه أشبه بالحيوان الحيّال المفترس الذي يحتاج الى الكثير من القوة والسيطرة والمراوغة والتركيع والتجويع من أجل تدجينه وترويضه. ان أي ضعف من قبلنا إزاء هذه الروح العراقية النارية المتحفزة سوف يمنحها الفرصة التاريخية المنتظرة لكي تثب علينا وتلتهمنا مثلما التهمت غيرنا من قبلنا. انظروا الى صدام، كان يكفي بعض الغفلة والدعم والتساهل من قبلنا، حتى يشرع فجأة بتنفيذ مشروعه الامبراطوري الشرق الاوسطي، من خلال التوغل في ايران ثم احتلال الكويت للسيطرة على العربية السعودية لينفث حلمه الامبراطوري الموروث والمتجذر في أرض موطنه!
لهذا فأننا منذ سنوات طويلة تمحورت سياستنا إزاء هذه الحضارة الخطرة في ناحيتين:
ـ التعتيم عليها في جميع وسائل الاعلام والمؤسسات المعنية، رغم تقديسنا السري لها. بل العمل على تشويهها من خلال التركيز على الموقف التوراتي منها ومسألة (سبي اليهود) ونقمة الله على بابل وتدميرها. والتعتيم أيضاً على دور العرب والمسلمين والحضارة العباسية في تنوير اوربا. وجعل (ألف ليلة وليلة) وحكايات العبيد والجواري هي الصورة الاعلامية الوحيدة الشائعة في الاعلام العالمي.
ـ بنفس الوقت، فأننا نجهد بكل إمكانياتنا للتعمق في معرفة تواريخ وتفاصيل وخفايا هذه الحضارة من  خلال النبش والتنقيب والدراسات السرية، على أمل فك أسرارها والسيطرة عليها والاستعداد لمواجهة كل مفاجآتها الغير منتظرة. إننا نؤمن ان هنالك أسرار كبرى تحت الارض تركتها القوى الجبارة المؤسسة لها والمتحكمة بالكون. بل ربما هنالك أدواراً مفترضة لقوى معينة قادمة من كواكب أخرى قد ساهمت بتأسيس الحضارة في سومر وبابل. لهذا فأن من أهم غايات اجتياحنا العراق والسيطرة عليه، أن نستحوذ على آثاره المهمة وننقب بصورة سرية عن بعض الآثار الخاصة التي تقودنا الى تلك الاسرار المخفية الخطيرة. ليس صدفة ان أولى خطواتنا في أول يوم لسيطرتنا على العراق، إننا هيئنا لسرقة المتحف العراقي وتدميره من أجل التعتيم على استيلائنا على بعض الآثار المهمة. كذلك قمنا بالسيطرة على الموقعين الأثريين لمدينتي (بابل) و(اور)، وحولناهما الى معسكرين خلال عدة سنوات من أجل التغطية على عمليات التنقيب السرية بحثاً عن بعض الآثار الهامة التي ستساعدنا على فك أسرار هذه الحضارة الجبارة والسيطرة عليها.
نعم صحيح تماماً إدعائنا بأننا أتينا لكي نبني العراق، ولكن ما لم نقله بوضوح، إننا سوف نبنيه بعد أن ندمره ونفكك مفاصله وندرسه ونفهم أسراره ونضمن تماماً كل مفاجآته ووثباته الغادرة. فبسيطرتنا الروحية التاريخية على العراق نضمن سيطرتنا الفعلية على الشرق الاوسط كله، وبالتالي عموم العالم.

القيمة السياسية ـ الدينية للعراق


إن موقع العراق في وسط الشرق الاوسط جعله دائماً مقراً لنوعي الصراع الاقليمي:
قومي (عربي ـ ايراني ـ تركي)، وطائفي (شيعي ـ سني)


في مطلع الألفية الثانية اقتضت المرحلة الأخيرة من مشروعنا التدميري القائم على التقسيم الطائفي للعالم الاسلامي، أن نفرض الممارسة الفعلية لهذا الصراع، أي بلوغ مرحلة الحرب الدامية بين الطرفين. وقد وقع اختيارنا على العراق حيث تتوفر فيه أفضل الشروط الملائمة للصراع الشيعي - السني. فهنالك طائفة شيعية قوية عددياً ومظلومة تاريخياً ومجاورة للقطب الشيعي الايراني، يقابلها طائفة سنية قليلة عددياً لكنها فعالة ومتمرسة بالحكم ومدعومة طائفياً من الجوار العربي وخصوصاً من قبل القطب السني السعودي. إذن موقع العراق الجغرافي المجاور لأيران والسعودية خصوصاً ثم باقي المشرق العربي بالاضافة الى تركيا، وانقسامه الطائفي الواضح جعلنا نختاره كأفضل ساحة للصراع الشيعي الايراني - السني السلفي السعودي!
طبعاً هنالك أسباب مكملة داعمة أخرى، فهو ليس فقط ملتقى القطبين الطائفيين، بل أيضاً ملتقى التنوعات القومية لبلدان الشرق الاوسط: عرب، اكراد، تركمان، مسيحيون، وغيرهم..
هكذا، إننا بعد أن قمنا بإضعاف وخنق العراق حربياً واقتصادياً وبشرياً طيلة أعوام التسعينات، نجحنا بفضل دعم أصدقائنا القادة الاكراد والاسرائيليين والايرانيين والسعوديين، أن نقنع قادة شيعة العراق وباقي الناقمين على صدام من السنة، أن يكونوا أداة طيّعة في مشروعنا التدميري للعراق وللعالم الاسلامي بأجمعه، بحجة مكافحة الدكتاتورية وبناء الديمقراطية!
يتوجب التنويه بدور صديقنا صدام، فهو قد خدمنا منذ صعوده الى السلطة عام 1979، إذ قام بإعدام القادة البعثيين المناوئين لسياستنا وتخريب الوحدة مع سوريا، ثم دخول الحرب التدميرية مع ايران، ثم اجتياح الكويت، وتوفير كل الحجج لنا بضرب العراق وحصاره وتجويعه وإذلاله حتى اجتياحه واحتلاله. بل ان المسكين قد خدمنا دون قصد حتى بعد إطاحتنا به، إذ نجحنا من خلال مسرحيات محاكمته التلفزيونية أن نخلق منه بطلاً عربياً سنياً راح ضحية المتعصبين الشيعة، وهذا الامر لعب دوراً حاسماً في تغذية الصراع الطائفي!
منذ عام 2003 تمكنا بصورة تفوق التوقع أن نجعل من العراق ساحة مكشوفة ومثال فاضح لكل المسلمين للصراع الدامي المحتدم بين القطبين الشيعي - السني. بل جعلنا منه أرضا لعذابات المسيحيين والصابئة وباقي الجماعات، بالاضافة الى أسطورة عذابات الاكراد قبل ذلك. نعم طيلة عقدين من الزمان جعلنا من العراق أرض الخراب ومركزاً للظلام الذي ينتظر المنطقة بأجمعها. آملين أن نجعل منه فيما بعد أرض النظام والاستقرار والبحبوحة ومركزاً لشرق أوسط ديمقراطي منسجم تماماً مع مصالحنا.

ستراتيجيتنا الحالية في العراق


إن الغرب واسرائيل يدعمان المشروع القومي الكردي الامبراطوري
(كردستان الكبرى) الذي يحلم بتكوين دولة كبرى على أجزاء مهمة من
العراق وايران وتركيا وسوريا


ان خلاصة سياستنا الحالية في العراق، أن يبقى لسنوات طويلة قادمة تحت سيطرتنا الكاملة (مباشرة وغير مباشرة) سياسياً وعسكرياً. والعامل المهم الذي نجحنا بتأسيسه ونعمل على إبقائه، إننا جعلنا الدولة العراقية منقسمة طائفياً وقومياً، بحيث لايمكنها أن تكون دولة مركزية قوية، وهي عرضة سهلة لتفجيرها والتحكم بها. فترانا دائماً عندما يستقوي الاكراد ويضعف العرب نبادر الى خلق الخلافات بين الاكراد وتسهيل ضربهم من قبل دول الجوار. وما أن يستقوي العرب حتى نبادر الى تأجيج الصراع الطائفي بينهم ونعطي المجال لبروز الدور الكردي واستخدام ورقة كركوك. وإذا ما لا حظنا توحد الاطراف العراقية كلها وبروز نوع من الثقة بالدولة والشعور بالاستقرار وبروز ميول الوطنية المعادية للأمريكان، حتى نبادر بتحريك عملائنا وتسهيل الامر للارهابيين للقيام بعمليات تدميرية تزعزع هيبة الحكومة وتحيي الاحقاد الطائفية وتشجع هجرة الشباب والكوادر، وبالتالي تبرير الاعتماد علينا من اجل حمايتهم من الارهابيين!
هل تعلم، بأننا نحن من يشجع التغلغل الايراني في العراق ونعمل اعلامياً على تضخيمه أضعافاً أضعاف، من أجل إخافة الدول العربية وتركيا ودفعها لكي تتصارع في أرض العراق، وأيضاً إخافة العراقيين ودفعهم للتمسك بنا لحمايتهم من الخطر الايراني.
خذ مثلاً، مسألة تأخير تكوين الحكومة خلال أشهر طويلة. كان يكفي منا بعض الضغوط البسيطة على قادة الاطراف المتنازعة لكي يضطروا للاتفاق والموافقة على تكوين الحكومة المناسبة. لكننا تقصدنا الحيادية ولعب دور الأب الناصح الطيب الذي لا يمتلك سلطة حاسمة إزاء الضغوط الايرانية والسعودية والسورية.. كل هذا من اجل أن يدوم ضعف الدولة ويفقد العراقيين ثقتهم بنخبهم وقادتهم ويدعم شعورهم الطفولي بأنهم بحاجة لدورنا الأبوي الناصح والحامي لأمن البلاد!
ومن أكبر دلائل نجاحنا الكبير في التحكم بعقول العراقيين وباقي العالم، إننا أوهمناهم بأننا عازمون على ترك العراق بعد أن فشلت سياستنا به. وبين حين وآخر نجري مسرحية اعلامية عن انسحابات عسكرية خداعة. بينما يكفي القليل من الحكمة للتفكير بالأمر التالي:
إننا شيدنا في المنطقة الخضراء في بغداد أكبر وأضخم وأقوى سفارة في تاريخ البشرية. مساحتها 104 هكتار وتعد أكبر بستة أضعاف من مجمّع الأمم المتحدة في نيويورك، وبعشرة أضعاف من سفارتنا في بكين. كلفتها حوالي مليار دولار وتكلفة إدارتها السنوية مليار دولار. فيها 20 مبنى و1000 موظف، وهي تعتبر مدينة مستقلة حيث تضم السكن والأسواق وكل وسائل الترفيه ومولدات الطاقة والتنقية والتصفية، حتى يمكنها العيش مستقلة تماماً لعدة أعوام!
فكيف يصدق انسان حتى لو كان له عقل طفل، إننا نشيد مثل هذه السفارة الاسطورية في بلد ندَّعي بأننا في الطريق لمغادرته؟!


هكذا نضعفكم، وهكذا يمكننا النهوض

  


سياسة الراية الخداعة
طبعاً إننا ما بلغنا هذه النجاحات الكبرى في تدمير العراق خصوصاً كنموذج لبلدان الشرق الاوسط، إلاّ لأننا استعنّا بخلاصة تجاربنا السابقة التي نفذناها في العالم، والتي أطلقنا عليها تسمية (سياسة الراية الخداعة ـ False Flag) والتي تعني قيامنا نحن أنفسنا بعمليات أرهابية ضد مصالح بلادنا وننسبها الى خصومنا لكي نعطي التبرير لأعلان الحرب عليهم. وقد أنجزنا عمليات ناجحة كثيرة في هذا الخصوص، من أبرزها هجومنا نحن ضد أسطولنا (Pearl Harbor) عام 1941 الذي منحنا الحجة لمهاجمة اليابان وإلقاء القنبلتين الذريتين عليها ثم احتلالها. وكذلك التخطيط لعملية (opération Northwoods) عام 1962 بتكوين ميليشيات كوبية تقوم بعمليات ارهابية ضد قاعدتنا في كوبا من أجل إعطاء الحجة لمهاجمة كوبا واحتلالها. لكن الرئيس كندي اعترض، ثم اعترض كذلك على مشروع مهاجمة فيتنام، فاضطررنا للتخلص منه ونسبنا اغتياله الى شخص معتوه.
كذلك تجربتنا بتنظيم ميليشيات سرية في أنحاء اوربا بعد الحرب العالمية الثانية تحت اسم (Stay-Behind) من اجل مكافحة النفوذ الشيوعي وتنفيذ عمليات ارهابية تنسب الى اليسار المتطرف، فتمنح حجة لتدخلنا وتجبر الحكومات الاوربية للأعتماد علينا. وضمن هذا السياق في أعوام الستينات والسبعينات طبقنا خصوصاً في ايطاليا وتركيا سياسة أسميناها (ستراتيجية الاضطراب ـ Strategy of Tension) خلقت التوتر والعنف من خلال العمليات السرية ودعمت أنصار أمريكا وبررت تدخل العسكر لتحجيم اليسار وقمعه.
وكانت ذروة نجاحاتنا في تطبيق سياسة (الراية الخداعة) في الشرق الاوسط، هي عملية تدمير برجي نيويورك عام 2001 وخلق اسطورة (بن لادن والقاعدة)، ثم نجاحنا الفائق في العراق بتأجيج الحرب الطائفية ونشر العنف والاحقاد، من خلال فرضنا سياسة (اجتثاث البعث) التي كانت لأجتثاث الدولة العراقية نفسها. بالحقيقة نحن ليس لدينا أي مشكلة مع البعث، فهو كان حليفنا السري لسنوات طويلة، وكان من السهل جداً الابقاء عليه مع بعض التغييرات الشكلية بالاسم والشعارات، ليلعب دوراً إيجابياً ضمن الدولة الجديدة، كما حصل في الانظمة الاشتراكية السابقة حيث أبقي على الشيوعيين ضمن الخارطة الجديدة. لكننا كنا ندرك ان الابقاء على البعث يعني الابقاء على الدولة وعلى البلد قوياً مستقراً، وهذا خطر علينا لأنه يعني سهولة تمكن العراقيين من توجيه حقدهم علينا وتخريب مشروعنا. لهذا أقنعنا عملائنا وحلفائنا بتبني سياسة الاقصاء والاجتثاث، ثم تنفيذ عمليات الاغتيال للكوادر والعلماء والقادة العسكريين والحزبيين من خلال (فرق الموت الشيعية) المدعومة من قبلنا، بذلك تهيأت الاجواء الكاملة لـ (الميليشيات السلفية السنية) لكي تلعب دورها الارهابي المطلوب. وقد ساعدنا حلفائنا القوميين الاكراد كثيراً في تنفيذ سياستنا هذه لقاء فرضنا على (الارهابيين) عدم شمول المنطقة الكردية بعملياتهم التخريبية.

الاعلام أخطر أسلحتنا الحديثة
  
 


كما قال رئيسنا (ريغان) : (ان فشلنا بحرب فيتنام كان بسبب فشلنا بأستخدام الاعلام)! لهذا فأننا شرعنا منذ أعوام الثمانينات، ثم مع الثورة التكنولوجية العظمى في مجال الاعلام في أعوام التسعينات، دخلنا بقوة بأستخدام وسائل الاعلام في التأثير الحاسم على الحكومات والتحكم بمواقف الشعوب. وقد نجحنا الى حد كبير في المزج العلمي الفائق الدقة بين (فن الاعلام) و(فن المخابرات)، إذ خلقنا شبكات سرية واسعة من العملاء والمنتفعين في معظم بلدان العالم، وخصوصاً في الشرق الاوسط، تتكون من الصحفيين والمثقفين المرتبطين بالاعلام بما فيهم الكتاب والسينمائيين وغيرهم. وخصصنا ميزانيات كبرى في تشييد المؤسسسات الاعلامية المرتبطة سرياً بنا: (صحف وفضائيات ومواقع أنترنت ووكالات أنباء ومراكز دراسات، وغيرها)، ودعم وشراء الكوادر النشطة في الاعلام من أجل تنفيذ سياستنا الاعلامية ـ الثقافية ونشرها على أوسع نطاق.
إن أعظم الخدمات التي لم تكن محسوبة، قدمتها لنا تلك الفضائيات التلفزيونية التي دعمنا اقامتها في منطقة الخليج، والتي بحجة تفعيل الديمقراطية وحرية الرأي، تمكنت من تأجيج الصراعات من خلال التركيز على العناصر المتطرفة من كل التيارات، وخلق الجدالات الفضائحية العنفية وبث أخبار الحركات السلفية والطائفية والبرامج ذات (الاتجاهات المعاكسة) المبتذلة المحرضة المؤججة للتطرف والأحقاد بكل أنواعها. فمثلاً، إننا بفضل هذه الفضائيات تمكنّا من إقناع العالم كله بحقيقة دور (القاعدة) وأسطورة (بن لادن) من خلال نشرها تلك البيانات والتسجيلات الصوتية والصور المفبركة. كذلك فضائياتنا هي التي جعلت من (نصر الله وحزبه) أسطورة بطولية عربية اسلامية بوجه اسرائيل، لكي نبرز رموزاً شيعية قوية تابعة لأيران تخيف وتحفز القوى السلفية السنية التابعة للسعودية. كذلك تمكنا من تهيأة وتغذية أجواء الحقد والصراع الطائفي في العراق من خلال تسليط الأضواء على الشخصيات المتطرفة من كلا الجهتين، وخلق الجدالات العنيفة وإبراز الأخبار والمشاهد المؤججة للمشاعر.

التيار التدميري والتيار السلمي
هنالك حقيقة مخفية مزعجة لنا لا يدركها إلاّ قادتنا، وهي ان هنالك تياران مختلفان في داخل فيدراليتنا كما في عموم النخب الامريكية والغربية السياسية والثقافية، أقواهما (التيار المتعصب) الواضع والمدافع عن هذه الستراتيجية التدميرية، وهو الغالب والمتحكم بالدول والمؤسسات العسكرية والمخابراتية والاعلامية، ثم (التيار السلمي المعتدل) وهو الاضعف، لكنه الأكثر شبابية وحيوية وطموح.


إن دعم التطرف الاسلامي والقاعدة
من أهم محاور استراتيجية التوتير الامريكية 


لقد نجح (التيار المتعصب) أن يفرض ستراتيجيته التدميرية الخاصة بالشرق الاوسط، بالاعتماد على الحجة التالية: ((ان شعوب الشرق الاوسط بطبعها وتاريخها عنفية حقودة متصارعة، ولا يمكن تجنب شرها ضد نفسها وضد العالم وضد المصالح الغربية، إلاّ بإضعافها من داخلها ومنعها من التوحد والاستقواء))!
والمشكلة ان هذا التيار المتعصب، نجح باستمرار أن يغذي حجته هذه، من خلال تشجيعه لروح وثقافة الاحقاد والعنف والارهاب في الشرق الاوسط. فكلما حاول (التيار السلمي) أن يطالب بالانسانية والتعقل مع شعوب الشرق، صرخ المتعصبون بحجة الاحقاد السائدة والعمليات الارهابية المنتشرة.
لكن (التيار السلمي) لا يكل عن محاولة الدفاع عن أطروحته بضرورة مساعدة الشرق الأوسط على تحقيق السلام والاستقرار، بناءً على المبررات التالية:
لنفترض حقاً ان شعوب الشرق الاوسط حقودة ومتصارعة وعنفية، لكنها مهما بالغت فأن تاريخها يثبت بأنها أقل عنفاً وتطرفاً وحقداً من شعوب اوربا الغربية التي فقط خلال الحربين العالميتين، قتلت حوالي ستين مليون أنسان اوربي بأيادي اوربية مع تدمير مدن وأوطان اوربية بكاملها واقتراف عمليات إبادة منظمة لملايين اليهود والغجر، ناهيك عن التاريخ الاستعماري والعبودي الطويل ضد الشعوب الضعيفة. لكن مع كل هذا فأن أمريكا، ومن أجل ضمان سلامة مصالحها وإبقاء اوربا بجانبها، جهدت من اجل مساعدتها وبنائها وتحقيق الوحدة السلمية الانسانية بين هذه الأوطان التي ظلت على مدى التاريخ متصارعة الى حد الابادة: المانيا وفرنسا وانكلترا! إذن لماذا لا تستحق شعوب الشرق الاوسط مثل هذه الجهود لكي تبني أوطانها وتحقق وحدتها وتتحالف إنسانياً وسلمياً مع جارتها اوربا وكذلك أمريكا؟!


من اجل ستراتيجية شرق أوسطية جديدة


بعد هذه الاعترافات والكشوفات الخطيرة لصاحبي الحكيم الامريكي، من الطبيعي أن يطرح أبناء الشرق الاوسط السؤال المشروع التالي:
ـ اذن، ما العمل، أمام هذه الستراتيجية الجهنمية التي نعيشها ونعاني منها منذ سنوات طويلة. هل هي قدر خارق ومحتوم علينا الخضوع له، أم ماذا؟
بعد مداولات وجدالات طويلة وعميقة مع هذا الحكيم، يمكنني بكل ثقة وقناعة أن أخبركم بالخلاصة التالية:
لا أبداً، ان هذه الستراتيجية الشيطانية ليست قدر محتم، بل هي بكل بساطة لعبة خطيرة يقوم بها بشر مثلنا، لهم مصالحهم وعقيدتهم ونقاط قوتهم وضعفهم، مثل كل البشر. ونستطيع نحن الضحايا أن نجد الستراتيجية المضادة التي تساعدنا على الخلاص. يمكن اختصار وتحديد هذه الستراتيجية المقترحة على الاصعدة التالية:

أولا: على الصعيد العالمي، إقامة تحالف وحوار شعبي ونخبوي
شرقي ـ غربي
ان أشد ما يخشاه (التيار المتعصب) الماسك بالـ (IFB) أن تدرك شعوب ونخب الشرق الأوسط حقيقة هذه الستراتيجية الخفية. لهذا يتوجب على النخب والقيادات والحكومات الشرق أوسطية أن تعمل كل مستطاعها لكشف وفضح خفايا هذا المخطط الجهنمي الذي يقوده (التيار الغربي المتعصب)، والتقرب والتحالف مع (التيار الغربي السلمي) ومع جميع القوى والنخب السلمية والانسانية الامريكية والاوربية، الثقافية والحزبية والحكومية والدينية والاجتماعية. أي التخلص من تلك السذاجة والثقة الخنوعية التي تمارسها حكوماتنا ونخبنا بتصديق الخطاب الامريكي - الاوربي الدبلوماسي الذي يدَّعي جلب الديمقراطية والتحضر للشرق الأوسط. كذلك العمل على كشف كل المخططات السرية الجارية وفضح جميع المؤسسات والاحزاب والشخصيات والحكومات المتورطة فيها. وبنفس الوقت، العمل على اقامة شبكة واسعة من العلاقات مع كل الاطراف والمؤسسات واللوبيات والشخصيات الامريكية والاوربية التي تؤمن بصدق بضرورة اقامة علاقة سلم وتعاون وتحالف بين الشرق والغرب.
على القوى العلمانية الليبرالية واليسارية في الشرق الاوسط أن تدعم علاقاتها مع القوى الليبرالية واليسارية الغربية التي تحترم خصوصية المجتمعات الشرقية ولا تبرر التدخل السياسي والهيمنة الثقافية الغربية على الشرق.
كذلك أن تشرع القوى والنخب الدينية الاسلامية الى الانفتاح على جميع القوى والنخب الدينية الغربية، مسيحية ويهودية وغيرها. من أكبر الخطايا التي ترتكبها المؤسسات والنخب الدينية الاسلامية انها لم تنتبه الى القيمة الحاسمة للتحالف مع النخب والكنائس المسيحية في اوربا وأمريكا. لأن هذه النخب المسيحية، وخصوصاً الكنيسة الكاثوليكية، تعاني كثيراً من الحروب الاعلامية والثقافية التي تشنها ضدها القوى الشيطانية المتطرفة المتحكمة بالغرب التي تدَّعي العلمانية والعلم والالحاد، لكي تحرم المجتمعات الغربية من بقايا الروحانية وسلطة الله، وبالتالي تسَّهل عملية إخضاعها بشكل كامل لسلطة المال وثقافة النهم والتفسخ النفسي والاجتماعي وتقديس الاستهلاك الوحشي. لقد نجح المتعصبون في الشرق والغرب حتى الآن من منع أي تقارب (مسيحي – اسلامي - يهودي) عالمي من خلال دعم القوى السلفية الاسلامية المعادية للمسيحية وبنفس الوقت تعزيز مخاوف المسيحيين واليهود من الاسلام والمسلمين من خلال التشديد على معاناة المسيحيين (واليهود) في الشرق الأوسط، وعلى الخطر الارهابي الاسلامي ضد شعوب الغرب.

ثانيا: على الصعيد الشرق أوسطي، العمل على اقامة سوق ووحدة شرق أوسطية مشابهة للوحدة الاوربية

على شعوب ونخب الشرق الأوسط أن تتخلص من تعصبها القومي الانعزالي وتحتذي بتجربة الوحدة الاوربية، التي رغم كل الاحقاد والحروب العالمية المدمرة بينها، واجهت الحقيقة التالية: أما أن تستمر بخضوعها للمنافسة التاريخية القومية وشن الحروب المدمرة بينها، أو أن تتوحد! وقد اضطرت أن تختار الحل الثاني. ان الوحدة العربية قد فشلت وستفشل دائماً لأنها قائمة على أساس قومي عرقي يعزل ويخيف أهم دول الشرق الأوسط غير العربية: ايران وتركيا واسرائيل، كذلك الجماعات القومية الأخرى التي تعيش مع العرب: أكراد وتركمان وسريان وأقباط وبربر وأفارقة، وغيرهم..
لقد نجح المتعصبون في الشرق والغرب، بمنع أي توحد شرق أوسطي من خلال الابقاء على الصراع الاسرائيلي ـ الفلسطيني، وجعله العقبة الكبرى أمام أي سلام وتقارب. وتمكنوا من فرض العقيدتين التاليتين: جعل غالبية النخب العربية ترفض بصورة مطلقة أي حوار وانفتاح وتقارب مع المجتمع والنخب الاسرائيلية واليهودية. وبنفس الوقت، تقديم الدعم بكل الوسائل السرية للتيار اليهودي المتعصب الذي يبتغي طرد جميع الفلسطينيين وبناء المستوطنات في كل مكان. ونجحوا خصوصاً بجعل الفلسطينيين والاسرائيليين يرفضون ذلك الشعار الواقعي والوحيد القادر على حل المشكلة: (دولة واحدة لشعبين، يهودي وفلسطيني). ثم اعتبار الوسيلة الوحيدة للحوار العقيم بين اليهود والعرب هي الحكومات وحدها، مع الاشراف الكامل من قبل أمريكا لضمان عدم نجاح الحوار.
لهذا، فأن الحوار الشعبي والنخبوي المباشر بين العرب واليهود عموماً، والفلسطينيين والاسرائيليين خصوصاً، وحده القادر على تحقيق السلام الحقيقي. حوار شعبي ونخبوي مباشر على كل الأصعدة الثقافية والسياسية والدينية والاقتصادية والسكانية، من دون تدخل ولا إشراف الدول الغربية. ان هذا الحوار والسلام هو الذي سيكون أساس تحقيق الحل الوحيد الممكن: (دولة واحدة لشعبين)، ثم استقرار وتوحد بلدان الشرق الأوسط، على الطريقة الاوربية.
ومن المهم جداً ضمان الموقف الايجابي للغرب من هذا المشروع. ان التجربة التركية أفضل نموذج ناجح لبلدان الشرق الاوسط. فهي تتميز بخصال عديدة تمنحها قوة وشمولية نادرة: مركز عسكري علماني ماسك بالدولة ويلعب دور الضامن لحسن سير العملية الديمقراطية، مع حزب اسلامي تجديدي ومعتدل يجمع بحذاقة بين الاصلاح الديني والتعددية الديمقراطية، مع سياسة وطنية توحيدية واستقلالية تتوافق بحنكة مع انتماء تركيا لحلف الاطلسي!

ثالثا: على الصعيد العراقي، ليكن العراق مركزاً للسلام والحوار والتقارب الشرق الاوسطي والعالمي، وليس مركزاً للمؤامرات والحروب والآيديولوجيات التوسعية والامبراطورية!



إن موقع العراق وسط الشرق الاوسط، حتم عليه دائماً، إما أن يكون محتلاً من قبل قوة اقليمية، أو هو الذي يتوسع نحو جيرانه ليضمن سلامته! 


إن طبيعة العراق، تاريخياً وجغرافياً، فرضت عليه دائماً أما أن يكون محتلاً من قبل الجيران أو هو الذي يحتلهم. لهذا فأن الروح والحضارة العراقية، (عكس الروح المصرية الوطنية الانغلاقية)، ظلت دائماً توسعية خارجية من جميع النواحي: ثقافياً وسياسياً وسكانياً وعسكرياً. وهذه الطبيعة الانفتاحية الخارجية، هي سر العبقرية العراقية وسر الخراب أيضاً. فهي التي منحت العراق والعراقيين هذا الخصب الأبداعي والدور الحضاري الحاسم في التاريخ، ولكن هي أيضاً التي جلبت على العراق والعراقيين هذه التبعية للقوى الخارجية وسهولة التخلي عن الهوية الوطنية والانقسام والتصارع بتأثير هذه التبعية. ان هذه الروح الخارجية العراقية سليقة لا يمكن أبداً التخلص منها. لكنها طاقة، مثل أي طاقة، يمكن استخدامها للتدمير أو للبناء، حسب وعي النخب وقدرتها. ومشكلة العراق منذ تأسيس الدولة في العصر الحديث هي أن نخبه لم تنتبه لهذه الخاصية التوسعية التاريخية، بل خضعت لها بصورة سلبية وغير واعية، من خلال رفض مفهوم (الهوية الوطنية والامة العراقية) وتبني آيديولوجيات قومية ودينية وأممية توسعية امبراطورية تدعو للحروب والتعصب والسيطرة على دول الجوار. فليس صدفة أبداً، ان جميع القوميات العراقية تبنَّت بشكل صريح دعوة الغاء الحدود العراقية الحالية وبناء دول قومية كبرى على حساب دول الجوار: الوطن العربي الأكبر، كردستان الكبرى، الخ. كذلك الاسلاميين الشيعة والسنة، كل منهم يدعوا الى دولته الاسلامية الكبرى. ناهيك عن الشيوعيين الذين قدسوا الاممية العالمية بصورة خنوعية وتبعية كاملة لعواصمهم المقدسة، مثل موسكو وبكين والبانيا وكوبا، وهلم جرا. بالأضافة الى عقائد تقديس العنف المسلح وشن الحروب الصبيانية بأسم تحرير كردستان وفلسطين والجولان والاحواز والاسكندرونة والكويت والصومال وزنجبار، وهكذا دواليك. حتى بدى العراق في العصر الحديث وكأنه سوق شعبية كبرى لبيع وشراء العقائد والشعارات الثورية الامبراطورية العنفية والمؤامرات الداخلية والاقليمية!
آن أوان النخب العراقية أن تدرك هذه الحقيقة: إن آيديولوجيات التوسع والامبراطوريات القومية والاسلامية والاممية، هي التي جلبت كل هذه الكوارث الى بلادنا، وهي التي تخيف جيراننا الايرانيين والاتراك والسعوديين والكويتيين والسوريين والاردنيين، كذلك اسرائيل وباقي القوى الغربية، وتدفعها لعمل المستحيل من أجل التدخل في العراق وشراء ذمم قادته ونخبه وتدبير المؤامرات وتأليب بعضهم ضد البعض وتوريطهم بحروب داخلية وخارجية.
آن أوان النخب العراقية أن تجعل من (ثقافة الهوية الوطنية) محور كل برامجها وأفكارها، وبنفس الوقت تعمل على تحويل الطاقة التوسعية الخارجية العراقية الى طاقة إيجابية للتوسع السلمي الانساني الصداقي والمصالحي. لنجعل من شعار: (السلام والحوار مع اسرائيل)، و (الوحدة السلمية الديمقراطية لشعوب الشرق الاوسط) شعاراتنا الكبرى المقدسة الثابتة التي نكتبها بكل صراحة في برامجنا الحزبية ودستورنا، ونتبناها رسمياً وشعبياً ونجهد بكل صدق لتحقيقها. نعم ان سلام ووحدة الشرق الأوسط وحده فقط الكفيل بتحقيق السلام والاستقرار في بلادنا. لتكن ثقافة السلام واحترام حدود الوطن والسلم مع الجيران ثقافة سائدة في المدارس ووسائل الاعلام. وأن يصبح من العار والخيانة لأي حزب يتبني شعارات قومية ودينية توسعية تحتقر حدود الوطن وتبرر الحروب مع الجيران، كشعار (كردستان الكبرى) و (حق تقرير المصير) الذي يعني بكل بساطة وصراحة حق تقسيم العراق ودول الجوار وشن الحروب القومية الانفصالية ضدها، وبالتالي تغذية المخاوف والتوترات والأحقاد بين شعوب الشرق الأوسط!


من كتاب 
 المنظمات السرية التي تحكم العالم

يتبع ........

العنوان : نظرية المؤامرة العالمية، هل هي صحيحة ؟! ( الجزء الثالث )
الوصف : اعترافات الحكيم الامريكي * لهذه الاسباب قررنا تدمير الشرق الاوسط: -أولا: تدمير الاسلام من خلال خلق العداء والتناحر بين الشيعة ...

0 الردود على "نظرية المؤامرة العالمية، هل هي صحيحة ؟! ( الجزء الثالث )"

إرسال تعليق